"على ضفاف البحيرة" - زالاستاذ مصطفى الغتيري - بقلم الكاتبة / سمية قرفادى
الالتزام الانطولوجيontology
بين مفارقات الانتشاء فوق الافراح والتدحرج
نحو دركات الاتراح.
على مدارات فصول رواية "على ضفاف البحيرة"
للروائي؛المتميزالاستاذ مصطفى الغتيري
بالفعل انها رواية السر العميق؛الذي يتطلب منافك شفرةسردها؛لنلتصق بالوجود من حيث هو موجود؛
مدركيين لماهيته.
وانا اجوب شوارع الرواية؛اجدها مدينة محاطة باسوارالاحداث؛ومكان يحتوي شخصيات......
ينطق السرد بمشروع المركب السياحي على الساحل
الاطلسي؛مابين مدينة ازمور ومدينة الجديدة"الحوزية"؛انه يوم السعد بالنسبة للكاتبة "اسماء" ؛وتعرفها على "محسن"المهندس المعماري
وارتباطهما بعقد روحي وشرعي؛اثمر"شمس"حلمهما
الوحيد.
انها"شمس"الطفلة التي داقت الذلال وشبت عليه
واعتنقت حب الشعر؛وتوشحت الافتخار من طرف الاب
الذي صار دائم التشجيع لها؛مطواع لكل رغباتها؛
شبت دواخلها روح حالمة؛انه الحلم الذي سوف يضعها
وسط محك الصراع العائلي محاولةلتاثيث شخصيتها
ضمن صيرورة الفعل الانساني.انها الحقيقة.
كما اكدامبرتوأيكو"الحقيقة تحلو أكثر عندما تكون محفوفة بالصعوبات الشائكة ؛السر يعجبنا أكثر عندما يصعب كشفه".
نعم ونحن بصدد كشف سر هذه الباكورة الابداعية؛نجد رسم لعوالم اسرار فينانة؛بأفكار غزيرة؛متدفقة كمياه شلال؛بتوهج ابداعي ملفت؛يقيس المسافات التي تقرب بيت شخصيات الرواية؛وبين الكاتب بتوظيفه اليات السرد.
هنا تسطع تجربة الروائي مصطفى لغتيري الطاعنة في السرد؛موقعا لمواقفه الابداعية؛التي صمم بذكاء
ومهارة اهرامها.
يحيلنا الروائي مصطفى لغتيري؛على لعبة الزمان؛وتحولات فصوله؛وفصول الذات الانسانية المتعددة؛التي تتخبط فيهاكل لحظة؛عندما تتحول الى شجرة خريفية؛ في انتظار ربيع مزهر تفوح افراحه
والعكس صحيح.
انه الحزن العميق؛الذي سيرسم اخاديد على جدار الشرايين والاوردة؛ويمتزج بدماء الجسد؛راسما اشكابا اكتئابية؛بكل النزعات التدمرية فمتى يستحلب الحلم وتشرق شمسه؛؟؟؟؟..؟
وكيف يقاوم الانسان كل انهزاماته؛رافعا مشعل
الانتصار طاردا؛تلك النزعة التشاؤمية التي تحيط بالانسان كسجن تضيق جدرانه.
وهل يتحول الجمال الى جريمة؛والنصر الى هزيمة؟؟؟
في الواقع ان الروائي مصطفى لغتيري؛وهو يسرد على لسان شخصيات الرواية؛يستحضر عوالم الانسان
المتداخلة والمتناقضة؛متنقلا وسط فضاءات عطائه المتميزة؛مؤكدا ان الذات الانسانية لاتستقيم عائشتها
الا وسط حضن المعاناة المكدسة بالانكسارات؛والغليان داخل قدر الحياة بحطب الالم الحارق.
وينطق التفاؤل على لسان السارد تارة؛بخلع عباءة الحزن واستبدالها باخرى للفرح
يقول "محسن""لقد اخذت قرارا لارجعة فيه بان انضو عني ثوب الحزن؛وان اتخلص مما عشته لشهور في كنف الالم والحسرة؛ابدا لن استحم منذ اليوم؛الا في بركة صافية".
هي الوان التفاؤل؛الطموح المملوء بالحلم؛التصور الشاهق للافراح؛هكذا تنطف شخصيات الرواية بلسانها.
ولازلنا على ضفاف الامل يسافر بنا الروائي"مصطفى لغتيري"؛الى جبال الاطلس؛ومرجعية العهد القديم؛الضارب جدوره في عمق التاريخ النضالي للشعوب؛انها قبيلة اولاد "زيان"ومقاومتها الشرسة للوجود الاستعماري الفرنسي الدي سيطر على المنطقة بالسلاح والعتاد؛وانتصاراتهم في معركة "الهري"بزعامة"موحى او حمو الزياني"؛وكذا مثيلتها في جبال الريف"معركة "انوال"بقيادة ؛الامير الاسطورة؛عبد الكريم الخطابي؛مرحلة مهمة في تاريخ النضال الانساني؛الشعبوي ؛ومرتبطة بتاريخ المغرب الحديث؛بتاسيس مشروع الوحدة والالتحام حول العرش.
هنا يتجلى لنا جمالية السرد؛بتنقيح جمالية المكان؛راسما لوحة اخاذة؛واسرة ؛واصفا للسوق الاسبوعي؛في منطقة الاطلس؛ووضعية شرذمة من النساء؛بعباءات سوداء لازلن يحترفن اقدم حرفة في التاريخ الانساني"الدعارة"؛كل مرتبط بطبيعة الظروف الاقتصادية والاختماعية؛والخصاص البائن في كل الموارد والامدادات؛والتهميش والاقصاء الواضح.
استغل الروائي "مصطفى لغتيري"؛الصور الحكائية؛باعتبارها تحقق حكائي؛متصل باللغة والوصف؛باحداث متتالية؛بازمنة معينة"عهد الحماية"وخصائص متتالية"النعوت؛الحال؛"ليدخلنا بوابات الوصف؛يخلق الاحداث؛والاستيهامات بواقعية معلنة.
انه فضاء الاطلس موطن الاجداد والذاكرة الجماعية للاحفاذ؛ورحلة البحث عن التمزق والالم.
هدة الرحلة التي كانت حاضرة مياه "ام الربيع"الذي يمر من المحيط الاطلسي؛ويصب في شاطئ مدينة ازمور؛يستحضر لنا الروائي "خريطة المغرب ".بوصف دقيق لكل المواقع الجميلة بين احضان الوطن؛الدافع الاساسي الذي جعل اسرة"محسن؛وزرجته اسماء؛ووحيدتهما شمس الحالمة؛المدللة"انه عزم الاسرة اللبيب؛الذي يشاطرهم السفر الى فضاء الاطلس الساحر؛حيث البحيرة؛المنطقة التي يرتبط بها محسن بحنين ما ضوي؛وعزم مفروض على الزوجة؛متلبسين بالفرحة المثلى؛مارين في لحوب؛وناغيات المني العذب تخترق الشفاه؛ميفائين
للحظات؛بلهفة الاستكشاف من طرف "شمس"
كان مذاق الفصول؛والبروق المخضر بدون امطار شاكرا؛يقاسم الاسرة السعادة بكل حمد وشكر؛وتزداد جرعات الاشتهاء للمناظر؛ولاذرة للاشتكاء؛والجو الهادئ مع النسيم الكتوم للحر؛في حضرة مياه الشلالات التي تمشي الدفقاء؛والاسرة ترقص على نغمات عذوبة المكان والزمان؛من طفاوة جمالية المكان؛حيث الاشجار الوارفة الطول؛العظيمة الاكتمال؛
وسط قماش الطبيعة الزاهي الالوان؛والصنوبريات تستقبلهم بعناق وشموخ؛ينعرجون وسط المنعرجات؛تحدثهم نمنمة الاوراق؛وحفحفة الطيور؛الماء الزلال العذب يتحلب؛والطقس يرقش؛ويزخرف لهم الوجود؛وسط ملتحدات تنمو وسطها اشجار الدفران"العرعر"؛من الصنوبريات؛كتلك التي تغطي سفوح جبال لبنان؛وجبل الشيخ؛ومناطق تركيا ولبنان؛هي جبال الاطلس الواقعة شمال غرب افريقيا؛ وكاز الروائي "مصطفى لغتيري"يقوم لدعوة سياحية للكل؛وسط مغربنا الحبيب.
واستمرت رحلة الاسرة........
وبعيد مضي ذهل من الافراح؛بتهورها المعتاد تاهت شمس وسط الغابة المملوءة بالوحيش؛صار حزن الاب والام كهواء يستنشقونه؛متخلين عن ميثولوجيات الاحلام؛واستسلموا لسم افاعي الياس؛للانتشار دواخل تخميناتهم؛انها شمس الحبور؛تدفن وسط قلب الاتراح؛تتبعثر اشعتها؛فوق جياد الامال؛لتعود الشابة"شمس"بعدما تشبعت الاسرة بالهلع العارم.
يلجأ الروائي مصطفى لغتيري؛بتصنيف للصيغ؛عبر احداث الرواية؛بتوافق منطقي؛بمعجم سردي؛ووصفي بليغ؛واشتغال على مختلف الاشكال السردية؛ضمن تركيبها؛منحت للرواية كل اشكال الترابط؛بصيغ توزيعية للادوار المتنوعة للشخصيات"صاحب المقهى؛"
وتزحف لحظات الاسى المرير؛انها لجظة التحول ؛والتدحرج؛نحو متاهات الميلودراما الغثة؛بكل الوان واشكال ماسيها؛الطامة الكبرى؛وحدث الانتكاسة؛مشخصا لواقع الرواية؛ونطق الاصوات السردية بكل التفاصيل؛محددا التقلبات النفسية التي ستتشبع بالالم؛حيت ستنام فوق بساط الفوضى النفسية المزلزلة لكيانها؛ووجدانها؛هدا ما اكد عليه
الروائي " ؛مصطفى لغتيري"من تداخل للاحداث؛وزمن زحف للامبالات؛التهور؛الدهشة؛انفلات التركيز؛الشرود؛قاد الجميع الى انزلاق للسيارة تمخض عنه حادثة سير مروعة؛وسط فضاء خال من شروط الاسعافات الاولية؛بعيد عن التطبي.
انها فرصق الكاتب المقتدر حين يلجا الة مفارقات مرتبطة بالكشف عن ارتباط الذات الانسانية بمالها؛وقدرها المحتوم والتحول الماساوي للوضع العائلي.
انها الماساة!!!!!!
انزلاق السيارة؛وتحصل الحادثة الحاصدة للالم؛اسماء الزوجة وسط بركة دماء بنزيف حاد؛وتتدحرج اسماء؛وسط الجروف والوهاد؛وسط فضاء لا اسعاف اولي؛يقود "المهندس محسن"الى التمزق والاحباط والياس كحالات وجودية؛تعكس الفشل الذريع في نجدة الزوجة و"شمس"حلم حياته وقطعة منه؛وتتعارض الرغبة في الحصول على الدفء العائلي؛.
انه قدر مقدور بالنسبة "لمحسن المهندس"؛تنسج للحظات له رداء الوحدة والعزلة؛وخواء عالمه من الحب والحنان؛يفسرها الروائي بتحيينات دلالية للمادة السردية؛مواكبا للتفاصيل الشمولية؛بكل دقتها؛لاكتشاف لعبة الالم المرير؛لتظل صورة"اسماء الزوجة؛المرافقة لدربه؛وصورة ؛سمش؛وحيدته؛واقعا لازال يعيش وسط مخيلته؛باحزان متشعبة؛و منتشر
قاد الروائي "مصطفى لغتيري"لتركيبه في سياق حكائي واضح؛عبر استخدام الشخصيات الحكي بضمير المتكلم؛راصداتطور الاحداث؛تنطق به كل فصول الرواية؛ ومن خلال كل الفقرات والجمل
في الواقع وبكل صدق ادبي والتزام اخلاقي للابداع؛والمبدعين.
استطاع الروائي"مصطفى لغتيري"في روايته التي تعتبر من روائع الادب المغربي؛لجمالية اسلوبها؛وعمق مضمونها؛ورسالتها الوطنية؛وغيرة حضاريةوباحداثها المنظمة؛وكان القارئ يسافر عبر الاحداث ويستجم مع الشخصيات؛ويتنقل عبر فضاءاتها
وتتذوق افراح شخصياتها وكذا اتراحهم.
هنيئا للروائي مصطفى لغتيري؛بهذا العمل الادبي الذي يدخل في خانات الابداعات الوطنية؛الملتزمة والمسؤولة؛و"على ضفاف البحيرة"اثراء للمكتبة المغربية خاصة والعربية عامة؛
تعليقات
إرسال تعليق