التيمم بالتُراب الطاهر عند فقد الماء_ بقلم . د / عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات

 التيمم بالتُراب الطاهر عند فقد الماء .

إذ فقد المسلم الماء ولم يجده في وقت وجوب الصلاة يجوز له أن يتيم بالتراب بديلاً عن الماء ، فيتطهر إن جُنبناً ويتوضأ إن كان قد انتقض وضوءه ، وذلك بضرب الكفين على تُراب الأرض الطاهر ثم يمسح الوجه واليدين إلى المرفقين بالتراب العالق على الكفين ، ويكون هذا المسح بالتُراب الطاهر بديلاً عن الماء الطاهر ، وهذا رحمة من الله بعباده وتيسيراً لهم في أداء عبادتهم .
كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عائداً من غزوة بني المُصْطَلِق ، وبينما هو ومن معه من أفراد الجيش عند مكان يُسمي البيداء ومكان يُسمي ذات الجيش ، أحست عائشة رضي الله عنها بفقد عِقد لها كانت تتزين به في رقبتها ، فأخبرت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بفقد العِقد ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوقف المَسير وانتدب رجالاً للبحث عن العِقد ، وحان وقت صلاة الفجر ولا يوجد ماء للوضوء ، فأنزل الله عزّ وجل آية التيمم بالتُراب بديلاً عن الماء ، روي البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعْضِ أسْفَارِهِ، حتَّى إذَا كُنَّا بالبَيْدَاءِ أوْ بذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فأقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى التِمَاسِهِ، وأَقَامَ النَّاسُ معهُ ولَيْسُوا علَى مَاءٍ، فأتَى النَّاسُ إلى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقالوا: ألَا تَرَى ما صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أقَامَتْ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّاسِ ولَيْسُوا علَى مَاءٍ، وليسَ معهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أبو بَكْرٍ ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واضِعٌ رَأْسَهُ علَى فَخِذِي قدْ نَامَ، فَقالَ: حَبَسْتِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّاسَ، ولَيْسُوا علَى مَاءٍ، وليسَ معهُمْ مَاءٌ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أبو بَكْرٍ، وقالَ: ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ وجَعَلَ يَطْعُنُنِي بيَدِهِ في خَاصِرَتِي، فلا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلَّا مَكَانُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ أصْبَحَ علَى غيرِ مَاءٍ، فأنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا، فَقالَ أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ: ما هي بأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يا آلَ أبِي بَكْرٍ، قالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الذي كُنْتُ عليه، فأصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ ).
ويُؤخذ من الحديث المتقدم أنه يجوز للرجل أن يؤدب ابنته ويعتب عليها وهي في بيت زوجها ، فقد شكا الناس لأبي بكر أن عائشة رضي الله عنها هي سبب تأخرهم ومبيتهم في مكان ليس فيه ماء ، فذهب إليها وضربها بأطراف أصابعه في فخذها ، وتحملت ولم تتحرك لأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كان نائماً على فخذها ، ويُطلق الفخذ على وسط المكان من الركبتين حتى المؤخرة .
سبحان الله لا يدري الناس أن الخير في تأخيرهم ومبيتهم في مكان ليس فيه ماء ، فقد يسر الله على الأمة الإسلامية كلها وأنزل آية التيمم التي فيها رفع الحرج عن المسلمين .
لا تحزن يا عبد الله في تأخير شيء عنك فقد يكون في التأخير الخير والصلاح والفلاح والمنفعة لك ولغيرك .
وآية التيمم هي قول الله عز وجل في سورة المائدة : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ .
اللهم ارزقنا الفقه في ديننا الإسلامي الحنيف وجنبنا الزيغ والزلل .
بقلم . د / عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات .




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

*تونس يا بلادي... سميربن التبريزي الحفصاوي

الإعلامي د. أحمد أسامة عمر يتألق فى ندوة نادي سينما أسامة عمر

نفحةٌ قلب بقلمي السيد حسن عبدربه